الصفحة الرئيسية > وراثة > أساسيّات في الوراثة + الوراثة الماندليّة وبعض المفاهيم الوراثيّة

أساسيّات في الوراثة + الوراثة الماندليّة وبعض المفاهيم الوراثيّة

Ss7008 أساسيّات في الوراثة + الوراثة الماندليّة وبعض
المفاهيم الوراثيّة

أساسيّات في الوراثة (1) –
الوراثة الماندليّة وبعض المفاهيم الوراثيّة

علم الوراثة هو العلم الوحيد القادر على تفسير هذه الصفات،
ومعرفة مصدرها.. ولنعي تماماً المعلومات الوراثية، لا بدَّ أن نحيط بالعديد
من الأفكار الأساسية، ومن ثم ننتقل إلى المعلومات الاختصاصية… فلنبدأ !

_______________

النمط الظاهري Phenotype : مجموعة الخصائص والصفات المشاهَدة
لدى أي كائن حي، أو بعبارة أخرى الخصائص التي يمكن قياسها.

النمط المورثي Genotype : العوامل المورثية (الرموز) المسؤولة
عن إظهار النمط الظاهري.

إذاً،
لكل كائن حي مجموعة من الصفات والخصائص، يتفرد ببعضها عن كل أبناء جنسه،
وبعضها الآخر مشترك بينه وبين باقي أفراد المجموعة الواحدة. وكل تلك الصفات
تظهر وفق عمليات ترجمة منظمة لرموز تدعى بـ "المورثات Genes" المحمولة على
بنىً تدعى بـ"الصبغيات Chromosomes".

السؤال الذي يطرح نفسه هنا، كيف تُتَرجم المورثة إلى صفة
ظاهرة؟

إن تلك العملية معقدة جداً، يدخل فيها العديد من الوسائط..
سنتحدث بالتفصيل عن تلك العملية لاحقاً.

ولكن ما يهمنا الآن هو ما
يلي : يكون النمط الظاهري آخر نتيجة يحصل عليها الجسم بعد الكثير من
العمليات الاستقلابية التي تلي تفكيك رموز المورثات.

ومن الجدير بالذكر، أن كل صفة من صفات الكائن الحي لها تفرد
وخصوصية في آلية ظهورها والعوامل المساهمة في تلك العملية، فبعض الصفات
مثلاً تحتاج لمورثة واحد فقط تترجم فتظهر الصفة، ولكن البعض الآخر من
الصفات تحتاج إلى أكثر من مورثة تترجم وفق تسلسل معين تظهر الصفة من خلاله.

_______________

حسناً، ولو كانت المورثات ثابتة منذ بدء الزمن، لما حصلنا على
اختلافات بين البشر أبداً،، ما هي العوامل التي قد تغير من المورثة،
وبالتالي قد يتغير النمط الظاهري كنتيجة لذلك؟

الطفرات Mutations :

إن
المورثة "قد" تعتبر كياناً ثابتاً تنتقل من جيل لآخر عبر التكاثر وعمليات
الانقسام الخلوي، ويتحكم في انتقالها نظام عالي الدقة يمنع حدوث أي خطأ.

لكن في بعض الأحيان
قد تتعرض المورثة إلى تغيير مفاجئ في أحد بناها "الأساسية" مؤدياً إلى
اختلاف النمط الظاهري الناتج عن ترجمة تلك المورثة.

و يتراوح الأثر الناجم عن الطفرة ما بين "غير الملحوظ
Undetectable" و"القاتل Lethal"، ولا بد أن نعلم أن الطفرة عبارة عن تعديل
ضئيل جداً في إحدى المورثات قد ينجم عنه اختلال كبير جداً في شكل الكائن
الحي أو أحد وظائفه.

لذا فإن ذلك يخلق لدينا
دراية تامة بأنه إذا كانت المورثة تنتقل من جيل لآخر، فبالتالي ستنتقل
الطفرة (وأثرها) من الجيل التي حدثت فيه إلى الجيل التالي.

مثال : بيلة الفينيل كيتون Phenylketonuria :
بيلة الفينيل كيتون
هي مرض ناتج عن اختلال وراثي (طفرة) ينجم عنهُ غياب الأنزيم المسؤول عن
تحويل الحمض الأميني الفينيل ألانينن Phynylalanine إلى الحمض الأميني
التيروزين Tyrosine.و ينجم عن ذلك تراكم الفينيل ألانين والعديد من السموم
التي تؤثر سلباً على صحة المصاب.

ما يهمنا من المثال هو عرض أثر ظاهري
خطير ناتج عن طفرة صغيرة جداً.

_______________

طيب، كيف تتواجد المورثات فيجسم الكائن؟ وأين؟ ووفق أي
تراتبية؟

الصيغة الصبغية :
إن مفهوم الصيغة
الصبغية يعتمد على الكائن الحي المدروس، ولنأخذ الإنسان على سبيل المثال،
فهو يملك في كل خلية (46) صبغياً مقسومة إلى مجموعتين، كل مجموعة عبارة عن
(23) صبغي، إحدى المجموعتين من الأب وأتت عبر النطفة، والمجموعة الثانية من
الأم وأتت عبر البويضة.

لذا، فإن الصبغي (6) مثلاً
موجود بنسختين إحداهما من الأب والأخرى من الأم، لذا فإن "أي" مورثة
موجودة على ذلك الصبغي هي عبارة عن نسختين أحدهما من الأب والأخرى من الأم.

إن كل ما سبق، يوجهنا نحو مفهوم الصيغة الصبغية المضاعفة
Diploid لدى الكائن الحي.

و لتتحقق الصيغة المضاعفة تلك ،لا بد وأن
تكون الصيغة الصبغية في كل من النطفة والبويضة مفردة Haploid، وذلك للحصول
على الصيغة المضاعفة عند التقاء النطفة والبويضة لتشكيل البيضة الملقحة.

إن كل تلك المعلومات -كما ذكرت- تتباين بحسب الكائن المدروس،
ففي الإنسان ومعظم الكائنات العليا يكون الفرد الكامل مضاعف الصيغة
الصبغية، أما العروس (أي النطفة والبويضة) تملك صيغة صبغية مفردة.

لكن الوضع يختلف في باقي الكائنات، فإذا أخذنا الأشنيات على
سبيل المثال، فالكائن الكامل لديها مفرد الصيغة الصبغية، أما الأبواغ (أي
الجيل العروسي) فتكون مضاعفة الصيغة الصبغية.

يختلف الأمر أيضاً لدى البكتيريا، حيث أنها مفردة الصيغة
الصبغية دوماً، وتلجأ للانقسامات الفتيلية (الخيطية) Mitosis من أجل
التكاثر، دون اللجوء إلى الانقسامات المنصفة meiosis ولا حتى لآلية صناعة
الأعراس.

ولاحظنا فيما سبق أن
الكائن الحي يتكاثر "بمفرده" أي انه يملك كل المقومات التي تخوله للقيام
بالتكاثر، ولكن الفيروسات Viruses لا تملك تلك الإمكانية. وبغض النظر عن
صيغتها الصبغية وماهية المادة الوراثية فيها، فإن الفيروسات مجبرة على
البحث عم كائن مضيف Host تستجر منه المواد اللازمة لتتكاثر.

_______________

ومتى تم اكتشاف المورثات؟ من أول من بدأ بدراستها؟؟


اكتشاف المورثات Discovery Of Genes إن
أول من فكر بوجود عوامل مسؤولة عن إظهار الصفات هو العالم والراهب النمساوي
غريغور جوهان ماندل Gregor Johan Mendel الذي أجرى بحوثه على نبات
البازلاء peas حيث كانت باكورة اكتشافاته ما يلي :

هناك عوامل خاصة Particular Factors تنقل الصفات من الآباء
إلى باقي الذرية دون أن يطرأ عليها أي تغيير، وتنتقل تلك العوامل عن طريق
عملية الإلقاح التي تتم بين غبار الطلع والبيوض النباتية Ovules لإنتاج
أفراد جديدة.

مبدأ ماندل الأول، مبدأ
استقلال الصفات :

لقد وصف ماندل – وبشكل مبدئي – أن
المورثات لا تؤثر على بعضها خلال عملية التعبير.

وبعبارة أخرى، تنتقل
المورثة من جيل لآخر بشكل مستقل عن المورثات الأخرى، فتحاول التعبير عن
نفسها عندما تتواجد، وذلك دون وجود علاقات مع المورثات الأخرى.

الجدير بالذكر أن قانون ماندل كان صحيحاً حتى وقت معين، حيث
اكتشف ارتباط بعض المورثات ببعضها، وتوضح مفهوم "الارتباط المورثي" الذي
سنتكلم عنه فيما بعد


كيف يمكننا التوفيق
بين مفهوم المورثة وعدة أنماط ظاهرية من أجل صفة واحدة؟

مفهوم الصنوة Allele :
لا بد من معرفة أن المورثة
هي عبارة عن مصطلح يَضم في طياته أكثر من شكلاً مورثياً ليعطي أكثر من نمط
ظاهري من أجل نفس الصفة المسؤولة عنها تلك المورثة.

لنأخذ مثالاً
للتوضيح، ففي صفة لون بذور نبات البازلاء ، لماذا هناك بذرة خضراء، وبذرة
صفراء؟؟؟

ذلك لأن المورثة المسؤولة عن إظهار لون البذرة لها أكثر من
شكل، وكل شكل اسمه "صنوة" حيث هناك صنوة تمنح البذرة لونها الأصفر، وصنوة
مختلفة تماماً تمنح البذرة لونها الأخضر.

وبالتالي،
فظهور لون معين للبذور محدَّد بتقابل صنوتبن (الصيغة المضاعفة) لمورثة لون
البذور، إحدى الصنوتين على الصبغي الأبوي (من الأب) والصنوة الأخرى على
الصبغي الأموي (من الأم – الأب الآخر).

[IMG]http://www.hakeem-sy.org/main/files/2chromosomes.gif
[/IMG]
ما الذي يحدد
الصنوات المتقابلة لصفة معينة؟ وهل تتماثل الصنوتان المتقابلتان أم
تختلفان؟

لنفكر قليلاً، من الممكن
أن تكون الصنوتين المتقابلتين متماثلتين، ومن الممكن أيضاً أن تكونا
مختلفتين.. لذا، فذلك يخلق لدينا مفهوماً جديداً حول ما يسمى بالفرد متماثل
اللواقح والفرد متخالف اللواقح…

الفرد
المتماثل اللواقح Homozygous : حيث تكون الصنوتان المتاقبلتان لمورثة معين
متماثلتان، والنمط الظاهري لا شك فيه ولا خلاف.. ولا حاجة لأي قانون أو
مفهوم وراثي لمعرفة النمط الظاهري، فإذا كانت الصنوتان مسؤولتان عن إظهار
لون البذور الأخضر، فحتماً سيكون لون البذور أخضر.

الفرد متخالف اللواقح Heterozygous : حيث تكون الصنوتان
المتقابلتان لمورثة معينة مختلفتان، أي لا يمكن معرفة الصفة الظاهرة إلا
بمعرفة الصنوة الأرجح، أو حتى معرفة الطريقة التي تظهر من خلالها الصفة.

_______________

ما هي أولى تجارب ماندل؟

قبل
ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن الفرد متماثل اللواقح – بالنسبة لصفة معينة –
هو من سلالة صافية، والفرد متخالف اللواقح – بالنسبة لصفة معينة – من
سلالة غير صافية (هجينة).

أجرى
ماندل أولى تجاربه دارساً صفة لون البذور عند نبات البازلاء وفق ما يلي :

أحضر مناندل فردي
بازلاء، الفرد الأول أخضر البذور من سلالة صافية (أي متماثل اللواقح)،
والفرد الآخر أصفر البذور من سلالة صافية (أي متماثل اللواقح ).. فكان
الأفراد الناتجون ذوي بذور صفراء متخالفي اللواقح! (بحسب اكتشاف ماندل).

_______________

لماذا كانت البذور الناتجة صفراء وليست خضراء مثلاً؟ أي ما
الذي يحدد النمط الظاهري حالة الفرد متخالف اللواقح بالنسبة لصفة معينة؟

إن ذلك لا يحدد بقانون ثابت، فهناك أكثر من قانون يحكم ظهور
نمط ظاهري معين لصفة ما، وذلك بالطبع بحسب المورثة.. وللتوضيح لا بد من
معرفة مبدأي السيادة التامة والسيادة المشتركة.

السيادة التامة Complete Dominance – الرجحان التام :
إن لذلك التعبير
أهمية كبيرة في فهم النمط الظاهري لفرد متخالف اللواقح (الصنوات)، حيث يعني
مفهوم السيادة التامة، سيادة إحدى الصنوتين على الصنوة الأخرى المقابلة،
وحينها يكون النمط الظاهري وفقاً للصنوة الأرجح (الأقوى – السائدة) أما
الصنوة الأخرى فهي موجودة لكن دون أن تعبر عن نفسها أبداً.

و لنعد إلى تجربة ماندل حول لون البذور، فإن الأفراد الناتجين
عن التزاوج هم ببذور صفراء، ونمطهم المورثي متخالف اللواقح (صفراء-
خضراء)، إذاً "صنوة لون البذور الأصفر هي الراجحة دون أدنى شك".

السيادة غير التامة (المشتركة) Incomplete Dominance –
الرجحان المشترك :

ولهذا التعبير أيضاً أهمية كبيرة في تفسير
بعض الأنماط الظاهرية الناتجة عن نمط مورثي متخالف اللواقح (الصنوات)، حيث
أنه – وفي أمثلة غير لون بذور البازلاء – نجد أنماطاً ظاهرية مشتركة بين
الصنوتين الموجودتين، أي أن كلتا الصنوتين عبرتا عن نفسها، وبشكل متساوي.

إن هذا المفهوم لم يتوصل إليه ماندل، كونه اقتصر تجاربه على
صفات تعتمد في ظهورها على قانون السيادة التامة – الرجحان التام.

_______________

أعطنا مثالاً عن السيادة المشتركة – الرجحان المشترك..

الزمر الدموية ، فجميعنا نعلم بوجود أشخاص زمرتهم الدموية AB،
وذلك يحصل لأن العلاقة بين المورثتين A، B هي علاقة سيادة مشتركة، حيث لا
ترجح الـA على الـB ولا العكس أيضاً، وإنما تعبر كلتا الصنوتان عن نفسيهما
في حال كان الفرد متخالف اللواقح نمطه الوراثي (A-B) ليكون نمطه الظاهري AB
حيث تتواجد مستضدات الـA ومستضدات الـB معاً لأن الصنوتين قد عبرتا عن
نفسيهما بشكل متساوي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أساسيّات في الوراثة (2) 

الـDNA هو المادة الوراثية، بنية الـDNA

تجارب
المطابقة بين المادة الوراثية Genetic Material والحمض النووي DNA،
بالإضافة إلى شرح بسيط عن المجين Genome والصبغي Chromosome.

الصبغي: إن الصبغي بنية موجودة في كل نواة، ويحوي مصفوفة من
المورثات المنظمة عدداً وترتيباً، ولهذا فإن كل مورثة من مورثات الصبغي لا
بد أن تكون موجودة في مكانها الصحيح،المخصص لها، والذي يدعى بالموضع
المورثي Gene Locus.


و حينما تُدرس مورثة ما، فإن أول ما يعرف
عنها هو موضعها المورثي على الصبغي الذي يحويها، ثم تتم دراسة أشكالها
المختلفة (صنواتها) لمعرفة الأنماط الظاهرية الناتجة عن تلك المورثة، ثم
تدرس العلاقة بين الصنوات من أجل التعبير عن المورثة.

ومن خلال دراستنا لصفات الإنسان مثلاً، تبين لنا أن المورثات
الموجودة على صبغي معين تنتقل إلى الأبناء بنفس أمكنتها وبنفس ترتيبها مما
ينقض قانون ماندل الأول "قانون استقلال الصفات" والذي ينص على أن كل مورثة
هي كائن مستقل بحد ذاته، حيث وُجدَ فيما بعد أن المورثات على كل صبغي هي
مجموعة مرتبطة ببعضها تنتقل بذات الترتيب إلى الأنسال.

و هنا، لا بدَّ من الإشارة إلى مفهوم التأشيب (إعادة التشكيل)
Recombination، وهو عملية تعني انفصال المورثات عن بعضها في الحمض النووي
وتناثرها ثم إعادة توضعها في الحمض النووي بترتيب يخالف ترتيبها الأساسي
وذلك لهدف معيّن ووفق آلية محددة.

[IMG]http://www.hakeem-sy.org/download/medlibrary/Leo/recomb.jpg
[/IMG]
يمثل التأشيب
الطريقة الوحيدة لتغيير ترتيب المورثات، ولكن ضمن شروط معينة وعمليات آنية
مؤقتة لا تغيِّر من ترتيب المورثات على الصبغي الحامل لها بشكل دائم.

إن إعادة التشكيل تلك لا تحدث بنفس التواتر (النسبة) عند كل
الكائنات الحية، وإنما تزداد احتمالية (أو بالأحرى وجوب) حدوثها بزيادة عدد
الأشكال الناتجة عن التكاثر.

بمعنى
آخر، في حالة الفيروسات مثلاً، فإعادة التشكيل المورثي شائعة جداً، حيث لا
يمكن الوقوف في وجه بعض الأنواع الفيروسية لكثرة تشكيلاتها المورثية.و ذلك
بالطبع سببه إعادة التشكيل.

أما عند الإنسان، فإعادة التشكيل عملية
نادرة جداً تحدث لأسباب معينة (سنأتي لذكرها لاحقاً)، وذلك لأن عدد الأنسال
لفرد معين من البشر قليل جداً مقارنةً بأنسال فيروس ما.

المجين (الجينوم) Genome:
وهو عبارة عن كل ما يحويه
الكائن الحي من مورثات متواجدة صبغيات الكائن الحي.

يمكن اعتبار المجين
-من وجهة نظري- سلسلة طويلة من المورثات، وهذه السلسلة مقسمة إلى عدة
سلاسل صغيرة تلتف كل منها لتشكل "صبغي".

إن
أول تعريف للمورثة -كوحدة فاعلة- كان عند اكتشاف بعض المورثات التي تقوم
بالتعبير عن ذاتها من خلال إعطاء الأوامر والإشراف على عملية صنع البروتين.

حيث أنَّ الاختلاف بين المورثة (كجزء من حمض نووي)، وبين
البروتين (كمجموعة حموض أمينية) يؤكد لنا بأن المورثة لا يمكن أن تتحول إلى
بروتين! وإنما هي تشرف على عملية تشكيل البروتين من خلال القيام بالترميز
Coding.

إن كلَّ ذلك، بالإضافة
للدراسات الكثيرة التي أُجريت، ساهم في اكتشاف كل تفاصيل الجهاز العظيم
الذي يمتلكه كلٌّ منا والذي يقوم بالإشراف على كل عمليات الجسم الحيوية من
خلال الكثير الكثير من الرموز (المورثات).

سأورد
هنا تلخيصاً بسيطاً لما يهمنا (مبدئياً) عن "الصبغيات" و"المورثات" :

لكل فصيلة من
الكائنات الحية عدد محدد من الصبغيات يكون موجوداً في كل خلية من خلايا أي
فرد (طبيعي) من أفراد تلك الفصيلة.


وفي الكائنات الراقية، تكون الصبغيات تلك
موجودة بشكل مضاعف، أي أن كل صبغي موجود منه نسختان لدى الفرد الواحد، إحدى
النسختين من الأب والثانية من الأم (الأب الآخر).

تحوي الصبغيات على
الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين DNA والذي هو عبارة عن كثير من
المورثات المتسلسلة التي تعبر عن نفسها من خلال فرض المعلومات التي تمثلها
على العضيات الصانعة للبروتين وبالتالي الإشراف على صناعة البروتين في
الخلايا.

ويتم ذلك من خلال نسخ ما يسمى بالحمض النووي الريبي RNA عن
المورثة (الموجودة في النواة) وهجرته (أي الـ RNA) إلى السيتوبلازما كسفير
عن المورثة ليشرف على عملية تركيب البروتين في السيتوبلازما.


ملاحظة: لا تشرف "كل" المورثات في الحمض
النووي منقوص الأكسجين DNA على تركيب البروتين، وإنما هناك بعض المورثات
التي لها وظائف أخرى تختلف أو تشابه الإشراف على عملية تركيب البروتين.

____________

أعزائي،
إن كل تلك المعلومات لم تأتِ من فراغ، وإنما هي حصيلة العديد والعديد من
التجارب التي أجريت على كل عضيات الأرض، من الفيروسات حتى الإنسان. وسأورد
الآن (و في الحلقة القادمة) سلسلةً من التجارب التي قادت بالعالم إلى
اكتشاف ماهيّة المادة الوراثية وآلية عملها:

1- تجربة التحول الجرثومي – الـDNA هو المادة الوراثية في
الجراثيم:

نقطة البداية، عام 1928، العديد من التجارب أجريت على
الجراثيم (أصغر الكائنات المكتشفة حينها)، والتي أوصلت العلماء إلى معرفة
ماهيّة المادة الوراثية، أي ماهيّة المادة المشتركة بين أفراد السلالة
الواحدة، ماهيّة المادة التي تنتقل من الأب الأبناء محافظةً على الشكل
العام للفرد.

هل هي بروتين، سكر، دسم، شحوم،….، أم حمض؟

من خلال تجربة التحول Transformation الجرثومي على جرثومة
المكورة الرئوية Pneumococcus والتي تملك نمطين مختلفين هما:

النمط الأول الذي
يدعى النمط S وهو النمط المُمْرض (المميت) Virulent، والذي يملك محفظة، وهو
أملس.

النمط الثاني الذي يدعى النمط R وهو النمط الغير ممرض
Avirulent، والذي لا يملك محفظة، وهو خشن.

إن
ما يبدو لنا، هو أن وجود المحفظة هو سبب إمراضية النمط S، ولكن الحقيقة غير
ذلك.حيث أن النمطين S وR ممرضان على حد سواء، فبنيتهما الداخلية متماثلة،
إلا أن وجود المحفظة في النمط S يمثل حماية لهذا النمط من هجوم الخلايا
الدفاعية في الجسم المُعْتَدَى عليه.

و بذلك:
النمط S: ممرض،
ويملك محفظة، إذاً هو محمي، أي أنه ممرض (أي يستطيع التأثير).

النمط R: ممرض، لا
يملك محفظة، إذاًَ هو عير محمي، أي أنه غير ممرض (لا يستطيع التأثير).

كيف أُجريت التجربة؟
حُقن فأر بجرثوم المكورة الرئوية حي من
النمط S فمات.

[IMG]http://www.hakeem-sy.org/download/medlibrary/Leo/trans1.jpg
[/IMG]
حُقن فأر بجرثوم
المكورة الرئوية حي من النمط R فلم يحدث له شيء.

حُقن فأر بجرثوم المكورة
الرئوية ميت من النمط S فلم يحدث له شيء.


حُقن فأر بجرثوم المكورة الرئوية ميت من النمط S وجرثوم حي R
فمات الفأر.و السؤال:ما الذي حدث في هذه الحالة

إن ما حدث بسيط للغاية،
فهناك مورثة (ولنقل أنها المورثة S) يملكها النمط S، وتعبر عن ذاتها بإعطاء
الأوامر لتشكيل المحفظة.

أمّا النمط R فلا يملك هذه المورثة
وبالتالي فهو لا يملك المحفظة التي تحميه، ولما حقنّا النمط S ميتاً والنمط
R حيّاً فإن المورثة S (S Gene) انتقلت من الجرثوم S إلى الجرثوم R الحي
وانضمت إلى مجينه وعبرت عن ذاتها بتشكيل المحفظة.

و بالتالي فإنَّ
النمط R تحوّل إلى النمط S، وذلك من خلال انتقال جزء من المادة الوراثية
"هو ذاته جزء من الحمض النووي" من النمط S إلى النمط R.


إن آلية التكاثر في بعض أنواع الجراثيم، تعتمد على انتقال
المادة الوراثية من جرثوم "معطي" إلى جرثوم "آخذ" و بالتالي تتغير صفات
الجرثوم الآخذ نتيجة انتقال مورثات لم يم يكن يملكها إليه.


2- تجربة الوسم بالكبريت والفوسفور
المشعَّين – الـDNA (أو الـRNA) هو المادة الوراثية لدى الفيروسات:

في 1952، تم إجراء
تجارب على الفيروس T2 ، الذي يهاجم جراثيم إشريشيا كولي E.Coli.


حيث قام العديد من العلماء بتجربة غرضها إثبات أن الـDNA هو
المادة الوراثية في الفيروس، وأن الغلاف البروتيني ليس هو المادة الوراثية.

إن آلية اعتداء الفيروس T2 على الجرثوم تتمثل بإدخال الفيروس
لبعض عناصره داخل الجرثوم، وترك بعضها الآخر خارج الجرثوم.

هذه المواد هي التي
تعطي الأوامر للجرثوم بتقديم كل المواد الأولية لصنع فيروسات جديدة من ذات
النوع، وهي ذاتها المواد التي تحمل المادة الوراثية التي تعطي الفيروس
الجديد صفات الفيروس الأب نفسها.

وبعد الاعتداء بزمن تبدأ فيروسات T2
بالخروج من جسم الجرثوم وقد استغلت كل مكوناته في صنع نفسها.

قام العلماء خلال هذه التجربة بوسم الفيروس T2 بواسطة الكبريت
والفوسفور المشعّين، حيث أن الكبريت المشع S 35 يسم الغلاف البروتيني
للفيروس، والفوسفور المشع P 32 يسم الحمض النووي DNA.

يُترك الفيروس T2
(الموسوم) ليهاجم أحد الجراثيم من النمط E.Coli، وبعد الانتظار، يفحص
الجرثوم فنجده موسوماً بالفوسفور المشع p 32، كما أن الأفراد الفيروسية
الجديدة موسومة بالفوسفور المشع أيضاً، دون وجود أي أثر للكبريت المشع لا
في الجرثوم ولا في الأفراد الفيروسية الجديدة.


الوسم بالكبريت و الفوسفور المشعّين

الاستنتاج: بما أن الفيروس منح المادة الوراثية للجرثوم، وبما
أنه منح الحمض النووي له فإن الحمض النووي DNA هو المادة الوراثية دون
أدنى شك.

الجدير بالذكر -هنا- أن
الـDNA ليس المادة الوراثية لكل الأنواع الفيروسية، وإنما الـRNA هو المادة
الوراثية لبعضها دون معرفة سبب لذلك التميّز.

____________

3-
تجربة صنع الثيميدين كيناز – الـDNA هو المادة الوراثية في الحيوانات:

كما نعلم، أو ربما
لا نعلم، أن الخلايا الناتجة عن الانقسام حديثاً، هي خلايا في طور النمو،
وتحتاج لصنع واستيراد العديد من المواد الأولية كي تصبح بحجم واستطاعة
الخلية الأم، وبالتالي فهي بحاجة للقيام بعديد من العمليات الحيوية التي
يكون الفتيل الصاعق لها وجود المورثات التي تعطي الأوامر للبدء بهذه
العمليات.

إذاً، فغياب مورثة مسؤولة عن إعطاء الأمر
ببدء عملية حيوية (هامّة) ما، سيؤدي إلى عدم حدوث تلك العملية، وبالتالي قد
يؤدي إلى موت الخلية ربما.

إن
المورثة TK مثلاً، هي مورثة حيوانيّة مسؤولة عن الإشراف على القيام بعملية
تشكيل الثيميدين كيناز Thymidine Kinase الضروري لحياة الخلية، وغياب
المورثة TK سيؤدي حتماً إلى غياب Thymidine Kinase وبالتالي إلى موت
الخلية.

وعند إضافة مورثة TK للكائن الفاقد لها، بدأ يصنع الثيميدين
كيناز وبالتالي لم يمت!

إن
هذه التجربة، و غيرها من التجارب، وضحت أن الـDNA هو الناظم الأول لكل
العمليات الحيوية في جسم أي كائن حي، وأنه هو المادة الوراثية التي تنتقل
من الأب الأبناء والذي لولا وجوده (وانتقاله) لما استمر نسل أي كائن حي،
وأن أي نقص في تلك المادة الوراثية لدى أي كائن سيؤدي إلى غياب أحد
العمليات الحيوية الضرورية لحياته، و بالتالي قد يؤدي إلى موته.

تقودنا عملية زرع المورثة TK إلى عمليات العلاج الوراثي Gene
Therapy التي تعتمد بشكل رئيسي على تعويض مورثات ناقصة عبر زرعها، أو
استبدال مورثات تعطي صفات سيئة بمورثات تعطي صفات أفضل لتحسين النسل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أساسيّات في الوراثة (3)

 بنية الحموض
النوويّة كيميائياً
ماهيّة الحمض النووي – بنية السلسلة عديدة النكليوتيد:
في البداية، لا بدَّ من التنويه إلى ان الحمض النووي نوعان، الأول هو الـ
RNA (Ribonucleic Acid) أي الحمض النووي الريبي، والثاني هو الـDNA
(Deoxyribonucleic Acid) أي الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين، وبنية
الحمضين متماثلة تماماً عدا بعض الاختلافات التي سأتحدث عنها لاحقاً، لذا
فحينما أقول "الحمض النووي" فأنا أقصد النوعيين والمعلومة التي تُذكر خاصة
بالنوعين على حدٍّ سواء..

إن حجر الأساس في الحمض النووي هو النكليوتيد Nucleotide، وسبب اختلاف
الحمضين النوويين عن بعضهما هو اختلاف حجر الأساس أي النكليوتيد بين
النوعين، ولكن بشكل عام يتكون النكليوتيد من: جزيء سكّر ريبوز Ribose،
مجموعة فوسفات Phosphate وأساس آزوتي Nitrogenous Base.


أ_سكّر الريبوز: نمطان، أحدهما عادي، والآخر منقوص الأكسجين

والجدير بالذكر أن الريبوز هو مفتاح اختلاف الـRNA عن الـDNA لأن:
• الـRNA يحوي على الريبوز العادي.
• الـ DNA يحوي على الريبوز منقوص الأكسجين لذا سميَّ بالحمض النووي الريبي
منقوص الأكسجين.

نمطا الريبوز (العادي، ومنقوص الأكسجين)

في الـRNA إذاً، السكّر يملك OH على ذرة الكربون الثانية وبالتالي يكون
السكّر عادي، أي النكليوتيد عادي، أي الحمض النووي الريبي عادي، أي RNA.

أما في الـDNA فالسكّر يملك فقط H على ذرة الكربون الثانية، وبالتالي سيكون
السكّر منقوص الأكسجين أي النكليوتيد منقوص الأكسجين أي الحمض النووي
الريبي منقوص الأكسجين، أي DNA.

ب‌. مجموعة الفوسفات: قلنا مجموعة ولم نقل جزيء لأننا لا نستطيع الجزم
بالفوسفات الموجود، فقد يكون النكليوتيد أحاديّ الفوسفات Monophosphate أي
بذرة فوسفور واحدة مع أربع ذرات أكسجين وCH2، وقد يكون ثنائيّ الفوسفات
Diphosphate أي بذرَّتي فوسفور مع سبع ذرات أكسجين وCH2، وقد يكون ثلاثيَّ
الفوسفاتTriphosphate أيضاً
[IMG]http://www.hakeem-sy.org/download/medlibrary/Leo/genetics3/Phosphate123.jpg
[/IMG]
ت‌. الأساس الآزوتي: في كلّ نكليوتيد أساس آزوتي واحد ينتمي للبيورينات أو
البيريميدينات.
البيورين الواحد Purine هو أساس آزوتي بتسع مواقع (أربعة فوسفور وخمسة
كربون) منتظمة في حلقتين وهو إما غوانين Guanine أو أدينين Adenine.

و البيريميدين الواحد Pyrimidine هو أساس آزوتي بستّ مواقع (اثنان فوسفور
وأربعة كربون) منتظمة في حلقة واحدة، وهو إما أن يكون سيتوزين Cytosine أو
ثايمين Thymine أو يوراسيل Uracil.

[IMG]http://www.hakeem-sy.org/download/medlibrary/Leo/genetics3/Pyrimidines11.jpg
[/IMG]
و الجدير بالذكر هنا أنه بالإضافة إلى الفرق في السكّر بين الـRNA والـDNA
فهناك أيضاً فارق في الأسس الآزوتية الموجودة في نكليوتيدات كلّ منهما.
وحيث أن الغوانين والسيتوزين والأدينين مشتركان بين نكليوتيدات الـDNA
والـRNA، فالثايمين موجود فقط في نكليوتيدات الـDNA واليوراسيل موجود فقط
في نكوليتيدات الـRNA.

ما الفرق بين الثايمين واليوراسيل وكلاهما بيريميدينان؟
هو فرقٌ وحيد… ففي الموقع الخامس (كربون) في الثايمين توجد زمرة ميثيل
CH3، أما في الموقع ذاته من اليوراسيل فلا يوجد سوى ذرة هيدروجين فقط.

ارتباط مكونات النكليوتيد ببعضها لتشكل نكليوتيد!
لا بدَّ في البداية من الإشارة إلى بنية هامة هي "النكليوزيد Nucleoside"
وهو مكون أساس آزوتي (بيورين أو بيريميدين) مرتبط بالموقع (1)َ لسكّر
الريبوز – أي لا يوجد فيه فوسفات.


بالتالي بانضمام مجموعة فوسفات إلى النكليوزيد يتحول تلقائياً إلى
نكليوتيد.

إن الهدف من ربط مكونات النكليوتيد ببعضها هو أولاً تشكيل نكليوتيد،
وثانياً خلق بنية بطرفين أحدهما (3)َ من الريبوز والآخر (5)َ لذات سكر
الريبوز.

الربط يتم وفق النقاط التالية:
– لسكر الريبوز خمس مواقع (من الـ(1)َ إلى الـ(5)َ).
– الفوسفات يرتبط بالموقع (3)َ لسكر ريبوز أول وبالموقع (5)َ لسكر ريبوز
ثان رابطاً بينهما.
– الأساس الآزوتي البيورين له (5) مواقع لذا يرتبط بالموقع (1)َ من الريبوز
من خلال الموقع (1) له.
– الأساس الآزوتي البيريميدين له (9) مواقع لذا يرتبط أيضاً بالموقع (1)َ
من الريبوز ولكن من خلال الموقع (9) له.

وبما أن الفوسفات ربط بين سكرين متجاورين تتضح لنا بنية السلسلة عديدة
النكليوتيدات وهي عبارة عن شريط من جزيئات سكر-فوسفات المتناوبة بدءاً من
الموقع (5)َ الخالي لأول ريبوز حتى الموقع (3)َ الخالي لآخر سكر ريبوز.
أي أن اتجاه سلسلة عديد النكليوتيد هو (5)َ–>(3)َ أي من أول ريبوز على
اليسار إلى آخر ريبوز على اليمين.

رسم توضيحي لأماكن ارتباط مكونات السلسلة عديدة النكليوتيدات ببعضها

يمكننا اختصار اسم الأساس الآزوتي بأول حرف من اسمه، حيث:

الغوانين = G / السيتوزين = C / الأدنين = A / الثايمين = T / اليوراسيل = U

الخلاصة:

النكليوزيد مكوّن من أساس آزوتي مرتبط بالريبوز فقط.
الحمض النووي (RNA وDNA) مكوّن من سلسلة من النكليوتيدات.
النكليوتيد مكون من سكر ريبوز ومجموعة فوسفات وأساس آزوتي.
النكليوتيد (بتعبير آخر) مكوّن من نكليوزيد مرتبط بمجموعة فوسفات (أحادية
أو ثنائية أو ثلاثية الفوسفات) متوضّعة على الكربون (3)َ (أو) (5)َ
للريبوز.
الفرق بين الـDNA والـRNA هو الموجود على الكربون (2)َ في الريبوز حيث في
الـRNA يوجد OH على الكربون (2)َ في الريبوز (فهو عادي) وفي الـDNA يوجد H
فقط على الكربون (2)َ في الريبوز (فهو منقوص الأكسجين).
إن تسلسل جزيئات سكر الريبوز تكون من خلال مجموعة فوسفات بين السكّر
والسكّر الذي يليه، ترتبط هذه المجموعة بالكربون (3)َ لأحد السكّرين
وبالكربون (5)َ للسكر الآخر.
لسلسلة عديد النكليوتيد نهايتان حرتان، الأولى في الموقع (5)َ للسكر الأول،
والثانية في الموقع للسكر الأخير، لذا فاتجاه سلسلة عديد النكليوتيد هو
(5)َ–>(3)َ.
الـDNA يحوي T,A,C,G فقط. والـRNA يحوي U,A,C,G فقط (أي U بدل الـT).

الـDNA هو شريط مضاعف – نموذج واطسون وكريك:


إن ما قلته في البداية حول تكوين شريط الـDNA من عمود فقري من السكر منقوص
الأكسجين والفوسفات وأسس آزوتية جانبية مرتبط بجزيئات السكر كان وصفاً
لبنية الشريط المفرد للـDNA أي وصفاً للسلسلة واحدة عديدة النكليوتيد.


سلسلة عديدة نكليوتيد

لكن بتقابل شريطي DNA مفردين وارتباط أسسهما الآزوتية ينتج لدينا جزيء
الـDNA الحيوي مضاعف الشريط

من الخلية… إلى الحمض النووي

إن معرفة أن الـDNA يحتوي على أسس آزوتية بأعداد مختلفة بين الكائنات
الحيّة قاد إلى المفهوم التالي:

"إن متوالية الأسس الآزوتية هي التي تمثل المعلومات الوراثية التي يحملها
الـDNA."

في أوائل الخمسينات من القرن الماضي، تعددت المحاولات لتفسير كيفية حمل
الحمض النووي للمعلومات التي تحوَّل إلى سلسلة من الحموض الأمينية المشكلة
للبروتين !

وفي عام 1953 حدَّد العالمان واطسون (J. D. Watson) وكريك (H. F. C. Crick)
(الحائزان على جائزة نوبل) موديل الـDNA كـ"شريط مضاعف" حيث:
• كثافة الـDNA (DNA Density) -المدروسة- وضّحت أن الـDNA هو شريط مضاعف
مكوّن من شريطين مفردين كل منهما عبارة عن سلسلة عديد نكليوتيد مقابلة
للأخرى ومعاكسة لها.

• الأشعة السينية X-Ray بانعراجها خلال إمرارها على جزيء DNA وضّحت بملاقاة
مسقطها أن الـDNA هو عبارة عن حلزون منظّم

مسقط أشعة X-Ray بعد إمرارها داخل الـDNA

هذا الحلزون (وكأي حلزون) يتشكّل من خلال فتل شريط الـDNA (المضاعف) على
ذاته، والتنظيم يكون من خلال إجراء لفة كل مسافة معيّنة.
وفي شريط الـDNA تحديداً، فإنه يقوم بلفّة كل 34 A أنغستروم (3,4 نانومتر)
من طوله، ليشكّل بفتله المنتظم أسطوانة (ليس بالمعنى الحرفي) قطرها 20 A
أنغستروم (2 نانومتر).
وبما أن البعد بين النكليوتيد والذي يليه في ذات الشريط المفرد هو 3,4
أنغستروم فإن شريط الـDNA المضاعف يقوم بلفة كل عشرة نكليوتيدات متتالية أي
كل 10 أسس آزوتية

شريط الـDNA بمسافاته وأثلامه وارتباطاته

• إن القطر الثابت للأسطوانة التي يشكلها شريط الـDNA المضاعف بفتله على
نفسه (وهو 20 A أنغستروم) ليس نتيجة لعمل عشوائي، وإنما نتيجة لتوضع الأسس
الآزوتية في الشريطين المفردين وفق قانون وهو:

"أن كل بيورين في السلسلة الأولى لا بدَّ وأن يقابله بيريميدين في السلسلة
الثانية والعكس بالعكس"

لذا، يكون قطر الأسطوانة هو عبارة عن ثلاث حلقات (حلقتان من البيورين وحلقة
من البيريميدين) بالإضافة إلى مسافة الرابطة.
ولنفرض توضع بيريميدين مقابل بيريميدين آخر، فإن ذلك سيعطي مسافة قدرها
حلقتان فقط (مسافة قصيرة) ،وبفرض توضع بيورين مقابل بيورين ستنتج مسافة
قدرها أربع حلقات (طويلة جداً).
إذاً فتقابل الأسس سيكون من خلال قوانين ثابتة وصارمة لتعطي قطراً ثابتاً
لاسطوانة الـDNA.


بالإضافة لقانون تقابل البيريميدين مع البيورين فهناك قانون آخر هو "قاعدة
الاستكمالية Complementary Rule" التي تفرض تقابل الأدنين مع الثايمين،
وتقابل السيتوزين مع الغوانين


ارتباطات الأسس الآزوتية ببعضها

• بغض النظر عن كميّة (عدد) كل أساس آزوتي ما في شريط DNA ما، فإن نسبة
وجود الأساس الآزوتي G في شريط مضاعف ما هي ذاتها نسبة وجود الأساس الآزوتي
C في ذات الشريط المضاعف (بناءً على قاعدة الاستكمالية)، وكذلك بالنسبة
للـA والـT.
لذا فإن DNA كائن حيّ معيّن يميّز بالنسبة G+C فيه والتي تتراوح بين 26%
إلى 74% للكائنات الحيّة المختلفة.

اقترح واطسون وكريك أن السلسلتين عديدتي النكليوتيد ليستا منفصلتان عن
بعضهما وإنما ترتبطان ببضعهما بواسطة روابط هيدروجينية متشكلة بين الأسس
الآزوتية المتقابلة.
حيث أن الغوانين لا يستطيع إلا أن يقابل السيتوزين يشكّل معه رابطة
هيدروجينية ثلاثية، والأدنين لا يستطيع إلا أن يقابل الثايمين فيشكل معه
رابطة هيدروجينية ثنائية.
هذا التقابل والارتباط بين الأسس الآزوتية يسمى بازدواج الأسس Base Pairing
والذي يتم حكماً تحت سيطرة قاعدة الاستكمالية Complementary Rule.
و أتمَّ العالمان اقتراحهما بأن السلسلتان المشكلتان لشريط الـDNA المضاعف
تسيران باتجاهين متعاكسين، أي السلسلة الأولى بالاتجاه (5)َ–>(3)َ
والأخرى بالاتجاه (3)َ–>(5)َ.

كهربائية جزيء الـDNA:
في شريط الـDNA المضاعف، يكون العمود الفقري (الفوسفات والسكر) متجهاً نحو
الخارج ومشحوناً بشحنة سالبة Negative Charge متوضعة على جزيئات الفوسفات.
في المحلول In Vitro يكون المحلول الحاوي للـDNA معتدلاً بسبب وجود شوارد
موجبة ضمن المحلول كالـNA+ مثلاً، أي تعدل الشحنة السالبة للـDNA.
والسؤال هنا:هل الـDNA في جسم الكائن الحي "سالب الشحنة" لعدم وجود شوارد
موجبة كالتي توجد في المحلول؟
الـDNA (بمجمله) في الكائن الحي معتدل الشحنة، وذلك لوجود بروتينات موجبة
الشحنة تعدّل من سلبية الـDNA.

إلى الداخل، تتوجه الأسس الآزوتية في شريط الـDNA المضاعف لتلتقي وترتبط
ببعضها بالروابط الهيدروجينية آنفة الذكر.


رسم توضيحي لشريط الـDNA المضاعف

تشبيه.. توضيح!
يمكن أن نعتبر شريط الـDNA المضاعف (قبل التحلزن) عبارة عن سلّم، لذا تكون
كل سلسلة عديدة النكليوتيد إحدى عمودي السلم.. أي عمودا السلم (في السلم)
يكافئان السلسلتان عديدتا النكليوتيد (في شريط الـDNA المضاعف).
وأيضاً يمكن اعتبار الأسس الآزوتية المتقابلة المرتبطة ببعضها في شريط
الـDNA المضاعف كدرجات السلم!
و عند التحلزن، يدور السلم حول نفسه دورة كل 10 درجات، وكذلك شريط الـDNA
المضاعف يدور حول نفسه لفة كل 10 أسس آزوتية.

لماذا 10 أسس بالتحديد؟
إن كل زوج أساس آزوتي في الشريط المضاعف ملتف بمقدار 36 ْ حول محور
الأسطوانة، لذا فإن زوج الأساس الآزوتي الثاني يلتف بمقدار 36 ْ درجة بدءاً
من النقطة التي أنهى فيها الزوج السابق دورانه فيعطي 36 ْ دوران إضافية
فيصبح الدوران مقدراً بـ72 ْ درجة.
أي أن التفاف عشر أزواج أسس آزوتية متتالية سيؤدي إلى التفاف الشريط
المضاعف بمقدار 360 ْ /أي لفّة كاملة!/.

الأثلام:
نوعان، الثلم الصغير يمتد على طول 12 أنغستروم من طول الشريط المضاعف،
والثلم الكبيرة على طول 22 أنغستروم أي أن كل لفة تمسح 10 أسس آزوتية تشكل
ثلمان صغيران وثلمان كبيران (لأن هناك جانبان).

الخلاصة:

لشريط الـDNA المضاعف عدة انماط، النمط الشائع هو النمط B المكون من
سلسلتين ملتفتين على بعضهما بشكل متعاكس.
في شريط الـDNA المضاعف تكون الأسس الآزوتية في كل شريط مفرد متجهة نحو
الداخل ليتقابل الأساس في الشريط المفرد مع أساس من الشريط المقابل، ويرتبط
الأساسان ببعضهما بروابط هيدروجينية بحيث يرتبط الـA مع الـT، ويرتبط الـC
مع الـG .
قطر الأسطوانة التي يشكلها شريط الـDNA المضاعف بتحلزنه هوA 20ْ أنغستروم.
تحلزن الـDNA يكون من خلال لفة كل 34 A أنغستروم ماسحاً بذلك 10 أسس في
اللفة الواحدة.
بالتفاف الشريط المضاعف (تحلزنه) يصبح للأسطوانة في كل لفة ثلمان في كل
جانب، أحدهما صغير Minor Groove والآخر كبير Major Groove.

  1. لا توجد تعليقات حتى الآن.
  1. No trackbacks yet.

أضف تعليق